سَيَعلَمُ مُرَّةَ حَيثُ كانوا | بِأَنَّ حِمايَ لَيسَ بِمُستَباحِ
|
وَأَنَّ لَقوحَ جارِهِمِ سَتَغدو | عَلى الأَقوامِ غَدوَةَ كَالرَواحِ
|
وَتُضحي بَينَهُم لَحماً عَبيطاً | يُقَسِّمُهُ المُقَسِّمُ بِالقِداحِ
|
وَظَنّوا أَنَّني بِالحِنثِ أَولى | وَأَنّي كُنتُ أَولى بِالنَجاحِ
|
إِذا عَجَّت وَقَد جاشَت عَقيراً | تَبَيَّنَتِ المِراضُ مِنَ الصَحاحِ
|
وَما يُسرى اليَدَينِ إِذا أَضَرَّت | بِها اليُمنى بِمُدكَةِ الفَلاحِ
|
بَني ذُهلِ بنِ شَيبانِ خَذوها | فَما في ضَربَتَيها مِن جُناحِ |
كُلَيْبُ لاَ خَيْرَ في الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا | إنْ أنتَ خليتها في منْ يخليها
|
كُلَيْبُ أَيُّ فَتَى عِزٍّ وَمَكْرُمَة ٍ | تحتَ السفاسفِ إذْ يعلوكَ سافيها
|
نعى النعاة ُ كليباً لي فقلتُ لهمْ | مادتْ بنا الأرضُ أمْ مادتْ رواسيها
|
لَيْتَ السَّمَاءَ عَلَى مَنْ تَحْتَهَا وَقَعَتْ | وَحَالَتِ الأَرْضُ فَانْجَابَتْ بِمَنْ فِيهَا
|
أضحتْ منازلُ بالسلانِ قدْ درستْ | تبكي كليباً وَ لمْ تفزعْ أقاصيها
|
الْحَزْمُ وَالْعَزْمُ كَانَا مِنْ صَنِيعَتِهِ | ما كلَّ آلائهِ يا قومُ أحصيها
|
القائدُ الخيلَ تردي في أعنتها | زَهْوَاً إذَا الْخَيْلُ بُحَّتْ فِي تَعَادِيها
|
النَّاحِرُ الْكُومَ مَا يَنْفَكُّ يُطْعِمُهَا | وَالْوَاهِبُ المِئَة َ الْحَمْرَا بِرَاعِيهَا
|
منْ خيلِ تغلبَ ما تلقى أسنتها | إِلاَّ وَقَدْ خَضَّبَتْهَا مِنْ أَعَادِيهَا
|
قدْ كانَ يصحبها شعواءَ مشعلة ً | تَحْتَ الْعَجَاجَة ِ مَعْقُوداً نَوَاصِيهَا
|
تكونُ أولها في حينِ كرتها | وَ أنتَ بالكرَّ يومَ الكرَّ حاميها
|
حَتَّى تُكَسِّرَ شَزْراً فِي نُحُورِهِمِ | زرقَ الأسنة ِ إذْ تروى صواديها
|
أمستْ وَ قدْ أوحشتْ جردٌ ببلقعة ٍ | للوحشِ منها مقيلٌ في مراعيها
|
ينفرنَ عنْ أمَّ هاماتِ الرجالِ بها | وَالْحَرْبُ يَفْتَرِسُ الأَقْرَانَ صَالِيهَا
|
يهزهونَ منَ الخطيَّ مدمجة ٍ | كمتاً أنابيبها زرقاً عواليها
|
نرمي الرماحَ بأيدينا فنوردها | بِيضاً وَنُصْدِرُهَا حُمْراً أَعَالِيهَا
|
يا ربَّ يومٍ يكونُ الناسُ في رهجٍ | بهِ تراني على نفسي مكاويها
|
مستقدماً غصصاً للحربِ مقتحماً | ناراً أهيجها حيناً وأطفيها
|
لاَ أَصْلَحَ الله مِنَّا مَنْ يُصَالِحُكُمْ | ما لاحتِ الشمسُ في أعلى مجاريها
|
كُنَّا نَغَارُ عَلَى الْعَوَاتِقِ أَنْ تُرَى | بالأمسِ خارجة ً عنِ الأوطانِ
|
فَخَرَجْنَ حِينَ ثَوَى كُلَيْبٌ حُسَّراً | مستيقناتٍ بعدهُ بهوانِ
|
فَتَرَى الْكَوَاعِبَ كَالظِّبَاءِ عَوَاطِلاً | إذْ حانَ مصرعهُ منَ الأكفانِ
|
يَخْمِشْنَ مِنْ أدَمِ الْوُجُوهِ حَوَاسِراً | مِنْ بَعْدِهِ وَيَعِدْنَ بِالأَزْمَانِ
|
مُتَسَلِّبَاتٍ نُكْدَهُنَّ وَقَدْ وَرَى | أجوافهنَّ بحرقة ٍ وَ رواني
|
وَ يقلنَ منْ للمستضيقِ إذا دعا | أمْ منْ لخضبِ عوالي المرانِ
|
أمْ لا تسارٍ بالجزورِ إذا غدا | ريحٌ يقطعُ معقدَ الأشطانِ
|
أمْ منْ لاسباقِ الدياتِ وَ جمعها | وَلِفَادِحَاتِ نَوَائِبِ الْحِدْثَانِ
|
كَانَ الذَّخِيرَة َ لِلزَّمَانِ فَقَد أَتَى | فقدانهُ وَ أخلَّ ركنَ مكاني
|
يَا لَهْفَ نَفْسِي مِنْ زَمَانٍ فَاجِعِ | أَلْقَى عَلَيَّ بِكَلْكَلٍ وَجِرَانِ
|
بمصيبة ٍ لا تستقالُ جليلة ٍ | غَلَبَتْ عَزَاءَ الْقَوْمِ وللشُّبان
|
هَدَّتْ حُصُوناً كُنَّ قَبْلُ مَلاَوِذاً | لِذَوِي الْكُهُولِ مَعاً وَالنِّسَوَانِ
|
أضحتْ وَ أضحى سورها منْ بعدهِ | متهدمَ الأركانِ وَ البنيانِ
|
فَابْكِينَ سَيِّدَ قَوْمِهِ وَانْدُبْنَهُ | شدتْ عليهِ قباطيَ الأكفانِ
|
وَ ابكينَ للأيتامِ لما أقحطوا | وَ ابكينَ عندَ تخاذلِ الجيرانِ
|
وَ ابكينَ مصرعَ جيدهِ متزملاً | بِدِمَائِهِ فَلَذَاكَ مَا أَبْكَانِي
|
فَلأَتْرُكَنَّ بِهِ قَبَائِلَ تَغْلِبٍ | قتلى بكلَّ قرارة ٍ وَ مكانِ
|
قتلى تعاورها النسورُ أكفها | ينهشنها وَ حواجلُ الغربانِ
|